Friday, May 15, 2009

قبل أن يضيع منا مطر


نقتل شعراءنا بالصمت ونقتلهم بالنسيان..ما مصير الأمة التى تنسى شعراءها؟؟

هل هناك أبلغ من كلمات بهاء طاهر هذه فى روايته الحب فى المنفى لتعكس حالنا مع شعراءنا ومبدعينا العظام ....حينما نتذكرهم فقط عندما يصبح الرثاء هو الوسيله الوحيده لتكريمهم بكلمات مكرره ومعاده وينفض السامر وننتظر فقيدا جديدا نودعه بنفس الطريقه
تعود لى هذه الخواطر والافكار وانا ارى هذا الحال المؤسف الذى يجعل أنصاف وعديمى المواهب يطلون علينا ليل نهار يرددون كالببغاوات كلاما بلا معنى ويلقون الاحتفاء والتقدير وتتصدر صورهم صحفنا بينما تعيش الحقيقه منزويه منبوذه فقط لان أصحابها قالوا لا فى وجه من قالوا نعم
وحال شاعرنا الكبير احمد مطر اليوم أقوى دليل على ما وصلنا اليه ...حينما يبقى هذا الرجل بعيدا عن اعلامنا وصحفنا وبرامجنا ...بعيدا عن جوائزنا وعن تكريماتنا يعيش فى غربة المنفى وألمه لانه يوما لم ينافق ولانه صرخ فى وجه انصاف الرجال ...لن أنافق
لأنه جعل الحرية رسالته وايقاظ الامه بالكلمات منهجه .....والسخرية من كل حاكم خائن وكل مواطن باع كرامته وسيلته لذلك
وهل أبلغ من التعبير عن هذه الرساله من قصيدته المشنوق أعلاه :

إنني المشنوق أعلاه
على حبل القوافي
خنت خوفي و إرتجافي
و تعريت من الزيف
و أعلنت عن العهر إنحرافي
و أرتكبت الصدق كي أكتب شعرا
و إقترفت الشعر كي أكتب فجرا
و تمردت على أنظمة خرفي
و حكام خراف
و على ذلك
و قعت إعترافي

هذه هى تهمة مطر التى تلقى به من منفى الى منفى ومن نسيان الى نسيان .....لا نكاد نذكره الا كلما استرجعنا بيت من ابياته او لافتة ساخرة من لافتاته تعبر بصدق مر عن واقعنا بكل تفاصيله فى كلمات عبقرية موجزه ...لا نعرف ماذا جرى للرجل الذى قدم لنا هذه الابيات كيف يعيش بعيدا عن وطنه وعن من أحبهم وكيف اصبحت حياته بعد ان فقد رفاقه وما هى مشاعره وهو يرى عراقه ممزق بين محتل وفتنة قذرة ومقاومة شريفه شوه الاعلام صورتها
يقول مطر الذى يعيش مرضه القاسى فى منفاه معرفا نفسه للقراء :
ارتباطي: هو بقضية كل إنسان ضعيف ومستلب
حالتي الإجتماعية : "رب بيت".
شغلي : هو كنس العروش الفاسدة.
مكسبي: احترامي لذاتي.
خساراتي: أرباح، .. أصبحت لكثرتها أغنى الأغنياء .. ففي كل صباح أستيقظ فأجدني معي، أحمد الله ثم أبدأ بتفقد كنوزي، أدق قلبي الجريح فترد كبريائي " أنا هنا" .. أتفحص جيبي المثقوب، تضحك أناملي " لا تتعب نفسك .. لم أقبض صكاً من سلطان" .. أتلمس روحي، تبتسم آلامها "اطمئن، لم يستطيعوا اغتصابي" .. أفتح كتابي، يلهث في وجهي قائلاً "صادروني اليوم في البلد الفلاني". وطول جولتي يسليني ضميري بدندنة لا تنقطع : لم نمدح شيطاناً ، لم نخن قضية الإنسان، لم ننس فلسطين، لم نذعن لأية سلطة، لم نضحك في وجه مرتزق .. وهلم فخراً.
عندئذ، أتطلع إلى المرآة مبتهجاً، وأهتف بامتنان: "ألف شكر .. لم أبعني لأحد

يرى بعض علماء النفس ان السخريه قد تكون سلاحا يشهره الفرد فى مواجهة همه وحزنه البالغ ربما يكون أحمد مطر مثالا قويا على ذلك ...فالرجل الذى تجرع مرارة الابعاد عن بلده العراق الى الكويت ثم من الكويت الى لندن ليجد رفيق حياته رسام الكاريكاتير ناجى العلى الذى سرعان ما يتم اغتياله ليجد احمد مطر نفسه وحيدا على صفحات وفى مواجهة صقيع لندن وألم المنفى فيودعه بأبيات اودع فيها كل حزنه وألمه
ناجي العلي لقد نجوت بقدرة من عارنا،وعلوت للعلياء
إصعد؛ فموطنك السماء؛وخلنا في الأرض إن الأرض للجبناء
للموثقين على الرباط رباطنا والصانعين النصرفي صنعاء
ممن يرصون الصكوك بزحفهم ويناضلون براية بيضاء
ويسافحون قضية منصلبهم ويصافحون عداوة الأعداء
ويخلفون هزيمة؛ لم يعترف أحد بها، من كثرة الآباء
......
سأبدل القلم الرقيق بخنجر والأغنيات بطعنة نجلاء
وأمد رأس الحاكمين صحيفةلقصائد... سأخطها بحذائي
وأضم صوتك بذرة في خافقي وأضمهم في غابة الأصداء
وألقن الأطفال أن عروشهم زبد أقيم على أساس الماء
وألقن الأطفال أن جيوشهم قطع من الديكور والأضواء
وألقن الأطفال أن قصورهم مبنية بجماجم الضعفاء
وكنوزهم مسروقة بالعدل واستقلالهم نوع من الإخصاء
سأظل أكتب في الهواءهجاءهم وأعيده بعواصف هوجاء


ألم عظيم ومرارة بالغه تخفيها سخرية احمد مطر اللاذعه وقدرته البديعه على ابتكار تشبيهات مذهله واستخدام الفاظ يراها معظمنا لا تصلح للقول فى قصيده الا انها مع احمد مطر تصبح ألوان ناطقه تصنع لوحة واقعيه شديدة الصدق حاول بهذه السخرية ان يحرك قلوب الناس وعقولهم ليبحثوا عن حريتهم التى فقدوها
فهل سنبحث عن هذا الرجل قبل فوات الاوان ؟؟؟
....
شكر خاص للاستاذ عبد الرحمن يوسف


2 comments:

Unknown said...

جميل اوووى
شفاك الله و عفاك يا احمد مطر

خيرالدين said...

تسلم يا بدراوى
وشكرا على التعليق