Monday, June 6, 2011

ومر عام

وصلنا إلى مقهى الانترنت الذى شهد حادثة القتل البشع لذلك الشاب السكندرى الذى انتشرت صوره وهو مهشم الفكين بصورة بشعة على الفيسبوك، طوال الطريق وأنا أقارن بين وجه الشاب الجميل وما انتهى اليه حاله على يد مخبري الشرطة وأحاول أن أمنع نفسى من حكم مسبق عليه أو على من فعل به ذلك، فى داخل المقهى ظهر الخوف والرهبة على الشاب الصغير الذى يشرف عليه بينما كنت أنا وخالد عز العرب مراسل بى بى سى نتجول فى المكان ومعنا طاقمينا الفنيين فأخبرنا الشاب أن التصوير متاح لكنه لا يستطيع الحديث معنا إلا اذا وصل والده، انتظرنا الوالد الذى اصطحبنا ليرينا كيف تم دخول الرجلين من باب جانبى مباشرة باتجاه خالد أثناء جلوسه أمام جهاز الكمبيوتر ثم بدآ فى اقتياده بشكل عنيف وما ان اعترض حتى بدأوا الضرب الذى انتهت محاولات تخلص خالد منه بضرب رأسه فى مقدمة منضدة من الرخام فقد بعدها المقاومة ثم اصطحبوه الى سلم العمارة المجاورة ليكملا مهمتهما، هنا توقف الرجل عن الحكى متأثرا بألم الواقعة ليستأنف حديثه عن هدوء خالد وطيب سيرته وعائلته، ليكمل لى القصة صبى صغير جذبته الجلبة أمام منزله، أشار إلى شرفة منزله المواجه للمقهى وحكى لى كيف رأى خالد فاقد للمقاومة فى يدى رجلين جذباه الى مدخل العمارة المجاورة ثم اقتاداه فى سيارة شرطة وعادوا بعدها بربع ساعة ليلقوه فى وسط الشارع وينصرفا، توجهنا جميعا بعدها إلى أحد مساجد المنطقة لنشهد صلاة الغائب على خالد سعيد والتى حضرها الآلاف من المواطنين الذين خرجوا أمام المسجد منددين بالحادثة وباتهام الشاب بتعاطى المخدرات وكأن عقاب المدمنين ان صح الاتهام هو قتله بتلك الطريقة، بعدها بساعات كنت قد اتفقت مع أحمد شقيق خالد على لقاء بأحد المقاهى على الكورنيش كان باديا علي ملامحه الانهيار الشديد وبكلمات معدودة عبر لى عنه صدمته التى بدأت مع اتصال تليفونى نقل إليه الخبر وتضاعف الصدمة مع سلسلة الاتهامات التى بدأت توجه لشقيقه وللعائلة كلها، بعدها بأيام أصبح اسم خالد سعيد معروفا لدى كل الشعب المصرى، تحولت صورة الولد الجميل الذى لقى مصرعه بتلك البشاعة الى أيقونة وضعها الشباب بديلا لصورهم على فيسبوك وخرجت الفتيات والسيدات لأول مرة فى مختلف مدن مصر وشوارعها فى مظاهرات ينددن بما جرى وربما كان فى مخيلة كل واحدة منهن رعبا أن تتكرر تلك الحادثة لشقيقها أو ابنها، ولم تنجح محاولات الشرطة وأفرادها المخلصين فى التلفزيون والصحف مثل خيرى رمضان وتامر أمين فى نشر سلسلة اتهامات بدون أى أدلة تؤكد براءة الداخلية من دم الولد الذى تهرب من الخدمة العسكرية وتحرش بأنثى وبلع لفافة بانجو بينما شقيقه يحمل الجنسية الأمريكية ولتتوالى المظاهرات وتتصاعد لتصل إلى ذروتها فى مظاهرة أمام مبنى وزارة الداخلية التى تعامل معنا أفرادها يومها بعنف ليس له مثيل ووصل الحد يومها الى تهشيم كاميرات الصحفيين ومطاردتهم واعتقال معظم من شاركوا فى تلك التظاهرة وتظاهرة أخرى بعدها بأيام كان مقررا لها أن تتم فى ميدان التحرير لكن أمن الدولة فرقها بشكل عنيف، كانت المظاهرات التى خرجت فى أعقاب واقعة خالد سعيد دليلا على تغير طرأ فى ردود أفعال الشعب المصرى وادراك كل فرد ان الدور قد يجىء عليه أو على ابنه أو أخيه فى يوم من الأيام وإلا فما الذى دفع تلك السيدة العجوز التى أطلت علينا يوم مظاهرة لاظوغلى من فوق احدى البنايات لتلقى علينا زجاجات المياه بعد أن منعها عنا أشاوس الداخلية وهى تصرخ فيهم:"عاوزين تقتلوهم هم كمان يا كفرة يا أولاد الكلب؟